أهالي ضحايا المرفأ.. ومسار التحقيقات القضائية

أهالي ضحايا المرفأ.. ومسار التحقيقات القضائية

  • ٢٤ كانون الثاني ٢٠٢٤

يواجه أهالي ضحايا إنفجار المرفأ معارك قضائية مستمرّة مع قضاة النيابة العامة التمييزية التي لم تعترف بقرارات المحقّق العدلي طارق البيطار ومنع عودته إلى ملفه لمتابعة جلسات تحقيقاته، وآخر هذه المستجدات كان تصدّي الأهالي لقرارات القضاة من خلال تقديم مكتب الإدعاء بطلب ردّ القاضي صبوح سليمان عن ملف المرفأ.

أثار قرار المحامي العام التمييزي القاضي صبوح سليمان  بوقف تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية بحق وزير الأشغال العامة والنقل السابق يوسف فنيانوس الصادرة عن المحقق العدلي طارق البيطار، ردود فعل رافضة من قبل أهالي ضحايا المرفأ، خاصة أنّ المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان قد نفذ قرارات مماثلة وأوقف مذكرة التوقيف الغيابية بحقّ الوزير السابق علي حسن خليل، وبهذا يصبح ملف المرفأ خالياً من مذكرات التوقيف الغيابية الصادرة بحقّ المدّعى عليهم الذين تمنعوا عن المثول أمام البيطار. 
وبالنسبة إليهم إنّ هذه القرارات تعني تغيير  مسار التحقيقات، وإبعاد القاضي طارق البيطار عن ملاحقة الشخصيات السياسية التابعة للأحزاب السياسية اللبنانية، وأنّ الحقيقة ستعلن والتحقيقات ستُتابع إن توقف البيطار عن ملاحقة السياسيين والقضاة والأمنيين.
باتت ذاكرة أهالي ضحايا المرفأ مليئة بالنكبات والمآسي، ومشهد الرابع من آب يعاد في أذهانهم في كل مرة يعلن القضاء اللبناني عن قرارات من شأنها «نسف» التحقيق، أو إرجاع القضية إلى نقطة البداية وتجميد التحقيقات لسنوات طويلة، أما تاريخ 25 كانون الأول عام 2023 فهو يوم لن يُمحى من ذاكرتهم، حين أعلن المدّعي العام التمييزي عن إخلاء سبيل جميع الموقوفين في قضية المرفأ، وبهذا يكون الملف قد أفرغ من الموقوفين تماماً، وبدأت المعارك القضائية بين عويدات والقاضي البيطار، بعد إتهام الأخير بجرم "«إغتصاب السلطة»، ومُنِع من السفر.
وخلال تحرّك الأهالي أمام قصر عدل بيروت يوم أمس، إعتراضاً على وقف تنفيذ مذكرة التوقيف، والتعبير عن الإستياءً من تعاطي القضاء اللبناني مع هذه القضية، تقدّم مكتب الإدعاء المعني بقضية أهالي ضحايا المرفأ بطلب رد القاضي صبوح سليمان أمام محكمة التمييز المدنية، بصفته المدّعي العام العدلي في هذا القضية ، كما طعن فريق الإدعاء بقرار القاضي سليمان الأخير بوقف تنفيذ مذكرة التوقيف. 
وطلب ردّ القاضي صبوح سليمان يعني«كف» يده نهائياً عن قضية المرفأ، وعدم إتخاذ أي قرارات أخرى تتعلّق بهذه القضية ، كما كلّف الرئيس الأول لمحاكم التمييز القاضي سهيل عبود، القاضي عفيف الحكيم رئيس محكمة التمييز للنظر في هذه الدعوى وإتخاذ قراره في هذا الخصوص.
وبهذا يكون أهالي ضحايا المرفأ قد تقدموا سابقاً بدعاوى مماثلة ضد قضاة النيابة العامة التمييزية، إذ تقدموا بطلب رد القاضي غسان الخوري والقاضي عماد قبلان، كما أنّ المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات كان قد تنحى عن الملف أيضاً بسبب القرابة بينه وبين المدّعى عليه في الملف غازي زعيتر. 
وأكدت مصادر قانونية أنّ أهالي ضحايا المرفأ لن يتنازلوا عن هذه القضية، ويتجهزون للعودة إلى الشارع خلال المرحلة المقبلة، حيث سيتمّ تنظيم المزيد من التحركات للمطالبة بتحقيق العدالة وإعادة الملف إلى مساره القانوني السليم، كما أنّ هناك سلسلة من الإجراءات القانونية التي يعمل على تحضيرها فريق الإدعاء المتابع للقضية، وستُقدَّم تباعاً خلال الفترات المقبلة. 
أما دولياً فلم تُترك القضية أيضاً، ففي عام 2023 دعا «فولكور تورك»، مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى التحرّك من أجل تحقيق دولي في إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب عام 2020 وملاحقة المتورطين، وقد سبق وجهز الأهالي عريضة لرفعها للأمم المتحدة ووقعها أكثر من 67 نائباً لبنانياً، إضافة إلى منظمات غير حكومية وجمعيات حقوقية ملمة بهذه القضية والى جانبهم أهالي ضحايا المرفأ وجرحى الإنفجار.
وأهم ما قد يحصل في قضية المرفأ بعد مرور 4 سنوات على الإنفجار، أن تُحقّق العدالة للضحايا وللجرحى والمتضررين، وفي المستجدات الأخيرة في هذا الملف داخل القضاء اللبناني، يتبين للأهالي أنّ عودة التحقيقات إلى هذا الملف ستكون معقدة وصعبة في الوقت الراهن، وسط توقعات بأنّ القضية قد تتحرّك ولو ببطء بعد شهر شباط المقبل، عند إحالة المدعي العام التمييزي الحالي إلى التقاعد، ولكن يبقى التعويل الأساسي على تشكيل هيئة إتهامية للنظر في الإستئناف المقدّم من القاضي غسان عويدات بعدما طالبه القاضي حبيب رزق الله بتصحيح الإدعاء المتعلّق بالدعوى المرفوعة ضد البيطار أي تلك المتعلقة «بإغتصاب السلطة». فإنّ قرار القاضي رزق الله في هذه القضية  مفصلي قد يؤدي الى إجراءات قانونية بحقّ البيطار ، عبر التأكيد بأنّ عودة البيطار الى الملف غير قانونية أو قد يؤكّد أنّ إجتهاده كان قانونياً وبالتالي من المحتمل أن يعود الى إستلام الملف ومتابعة تحقيقاته.