Alaa Adel’s Post

أسديتُ النصيحة المرفقة يومًا لزميلة ترجمت gut إلى أول معنى صادفها: أمعاء! فلما أخبرتها بأن المقصود في ذاك السياق = جرأة أو شجاعة أو جسارة؛ تعجبت وسألتني: أنَّى لكَ هذا؟! فعجبت لعجبها، وأجبتها: هو من عند Oxford و Cambridgeو Webster وأخواتها أحادية اللغة monolingual. وفي مسلسل The Walking Dead مشهد شهير استخدم فيه Jeffrey Dean Morgan –الذي أبدع في أداء دور Negan- الكلمة بمعنييها حين استخرج أمعاء رجلٍ أظهر جرأة وشجاعة وجسارة في مواجهته. 💡 ثم سألتها: أين تبحثين أنتِ عن المعنى؟ 💥 فأجابت: في قاموس المعاني، وأشباهه.. وربما استخدمت أول معنى صادفها دون النظر إلى السياق! فقلتُ: هذا إذًا مكمن الداء. ✔️ ونصحتها بأن تنظر ابتداءً في المعاجم أحادية اللغة لأنها تحيط بالمعنى من جميع جوانبه، ولا بأس بعدها أن تستعين بالمعاجم ثنائية اللغة لإيجاد أنسب مرادف للسياق. لم تلبث مليًا حتى جاءتني متعجبة من تحسن مستوى ترجماتها بعدما طبقت هذه النصيحة البسيطة. فعجبتُ؛ كيف لتوجيه بسيط أن يُحدِث هذا الأثر الكبير! ثم رجعت البصر كرتين فوجدت أن أنجح الحلول وأنجع الأدوية = أيسرها وأبسطها. 🎯 وترسيخ الأصول عند المبتدئ من أولى الأوليات. ❌ أما تعليم الناس غرائب العلم قبل أن يُحكِموا رأسه فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا!

الأصل في اللغة: فهم الكلام على مقصود أهل اللسان وأرباب الصنعة. فإذا قالوا = قصدنا معاجمهم (أحادية اللغة monolingual)؛ لنفهم المعنى على مقصودهم، وفق ثقافتهم. فإن لم تفعل؛ ضللت الطريق. وهذا الضابط على سهولته = أصلٌ عظيم؛ به تستقيم الأفهام، وبهجره تزيغ. وآية الزيغ = أن تُلبِس الكلام ثوبًا أجنبيًا، وتُنطِقه بلسانٍ هجين. - هامش: سأترك لك في التعليقات تطبيقات عملية على هذه النصيحة النظرية لتكتمل الفائدة.

يُسوَّغ للمرء في بداية مسيرته المهنية أن يحتفي بإنجازاته الصغيرة التي لا يأبه بها أحد؛ لأنها في الحقيقة ليست إنجازات عملاقة قادرة على الحديث عن نفسها، بل براعم ضعيفة تحتاج إلى رعاية خاصة، وإلا ذبلت!   ويُسَوَّغ للمرء بعدما يشتد عوده أن يضع كل إنجازاته على طاولة التشريح، ثم يلملم أشلاءها ويدفنها، ليبدأ فصلا جديدًا؛ لأن أفقه اتسع، وأصبح يطيق صبرًا! لا الأول مغرور، ولا الثاني مازوخي. شريطة ألا يحاول الأول أن يتزبب قبل أن يتحصرم. وألا يفقد الثاني ثقته في نفسه، وأن ينفق من مخزون صبره باقتصاد! فإذا رأيتَ المبتدئ يحتفي بإنجازاته الصغيرة = لا تقمعه بل شجِّعه؛ فهو أحوج ما يكون إلى كلمة طيبة. وإذا رأيتَ المخضرم ينتقد نفسه = لا تغتر بتواضعه، فتجترئ على من هو أعلم منك، فيفتضح جهلك. ولينكدن تربة خصبة لكليهما.

"استمع إلى هذه الحلقة، أو أي حلقة في العالم، بدون موسيقى." هذا الإعلان هو ثاني ما لفت انتباهي -من الناحية التسويقية- في بداية حلقة Khaled Elahmad في بودكاست فنجان مع Abdulrahman Abumalih عبدالرحمن أبومالح: ⭐ هي ميزة جديدة أضافتها Thmanyah | ثمانية، مستعينة بالذكاء الاصطناعي، لحذف الموسيقى من أربعة مليون برنامج بودكاست تضمها مكتبتهم. تدرك ثمانية أن السعودية تحتل المركز الأول في العالم العربي من حيث عدد متابعي البودكاست قياسًا بعدد السكان، بنسبة تناهز 56%، وأن 3 من أصل كل عشرة مواطن عربي يستمعون إلى البودكاست. 💡 وربما أدركت أن شريحة لا يستهان بها من هذا الجمهور قد تكون لها تفضيلاتها المبنية على اختيارات دينية، وبالتالي احترمت هذا الاختيار، وأتاحت لهذه الشريحة مكان في عالم ثمانية، دون أن تخسر بقية الجمهور. 🎯 إدارة ثمانية نجحت فيما يسمى "السهل الممتنع"؛ ومن ذلك سرعة تطبيقها لأفكار بسيطة قد تكون صادفتها على قارعة الإنترنت لكن أحدا لم ينبري لتحويلها إلى واقع، إلى جانب تفاعلها مع تفضيلات جمهورها، وهذا محل الشاهد. مهلا، هل يستحق البودكاست كل هذا الاهتمام؟ 🎙️ لأجيب عن هذا السؤال عدت الآن إلى تقرير خاص قوامه 132 صفحة أعدته Acculligence أكيوليجنس قبل فترة تحت عنوان "صناعة البودكاست .. الميلاد.. الحاضر.. المستقبل"، لأجد أن التوقعات في ذلك الحين كانت تشير إلى نمو هذه الصناعة الواعدة من مليارَي دولار في عام 2022 إلى أربعة مليارات دولار في عام 2024. 🎙️ ثم عدتُ إلى تقريرٍ رديف أعدته أكيوليجنس عن "البودكاست في المملكة العربية السعودية" لأجد أن 72% من الشريحة العمرية التي تتراوح بين 25 و 34 عامًا يستمعون إلى البودكاست مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا، وهي نسبة مقاربة جدًا من تفضيلات الشريحة العمرية التي تتراوح بين 45 و54 عامًا (71%). 🚀 وأبتسم الآن حين أجد بودكاست فنجان -وقت إعداد التقرير- يتصدر قائمة أشهر بودكاست في المملكة على Apple Podcasts.

"ما حدا ملزوم يجيبلك وظيفة.. انت لازم تسعى لهذه الوظيفة!" هذه المقولة التي اختارت Thmanyah | ثمانية أن تصدر بها حلقة Khaled Elahmad في بودكاست فنجان مع Abdulrahman Abumalih عبدالرحمن أبومالح، هي أول ما لفت انتباهي. ⛔ والشعور بالاستحقاق المفضي إلى القعود أرحب أبواب الفشل ومن ثَمَّ الإحباط. لا أقول فقط في المسيرة المهنية، ولكن حتى في العلاقات الشخصية. كررها بصوت مرتفع: ما حدا ملزوم! وإلا ستحزن على نفسك، ومن نفسك، ومن كل شخص تعرفه! ✔️ ركِّز على = حفر الخندق وهزّ جذع النخلة. أما هبوب الريح وتساقط الرطب = فتدبير الربّ. هذا ما يسميه أهل اللسان الإنجليزي: Faithful Effort ويقولون أيضًا في هذا السياق: Man Proposes, God Disposes لتكن جوارحك متحفِّزة للبذل، وقلبك خاضعٌ للمقادير.

بينما نحن نتسامر في أحد المطاعم الشهيرة مساء يوم 2 مارس 2024، استشهد ضيفي باكتتاب جود الإسكان فأخبرته بأننا في Acculligence أكيوليجنس مَن أعددنا التقرير الختامي الذي غطى الرحلة منذ بدايتها وحتى تجاوز المليار ريال. ولما رسا الحديث على شاطئ مؤتمر «ليب» التقني أخبرته بأننا أيضًا مَن أعددنا تحليل الأصداء الإعلامية للمؤتمر منذ انطلاقته في عام 2022 وفي نسخته الثانية عام 2023، ويمكنكم أن تقرأوا المزيد عن نسخة 2024 على صفحتي هذه. 🍽️ على رائحة طواجن الحمام والبط والفريك والأرز المعمر، انفرطت حبات الحديث... نحن أيضًا من أعددنا مئات التقارير والأبحاث والترجمات لوزارات الاتصالات والسياحة والرياضة والحج والعمرة والعدل والصحة والثقافة والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والمؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للحبوب وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية ومجمع الملك سلمان للغة العربية ووكالة واس... لكن الطعام كان ألذ من أن ننشغل عنه بمزيد من الأسماء! 💭 في طيات الثناء والتشجيع، تذاكرنا فكرة طموحة ناقشناها في عام 2016 للتوسع في السوق السعودي، لكنها لم تكتمل.. كانت فكرة يشجعني عليها صديقي، بل يدفعني لتطبيقها دفعًا. وكان السؤال المتوقع: ألم يأنِ بعد أن تحصلوا على حصتكم المستحقة من السوق السعودي؟ لقد تأخرتم كثيرًا! 🎯 ثم قال لي صديقي الجملة التي لم يمر يوم واحد منذ تلك الليلة إلا وفكرتُ فيها مليًا: لقد ارتكبت خطأ استراتيجيًا، حين انشغلت بالإنتاج عن التسويق، وتقاعست عن التأسيس القانوني الذي يضمن إبرام شراكات مباشرة أكثر استقرارًا. ☕ على رائحة النعناع الأخضر الذي يعطر أكواب الشاي، وافقتُه وزدتُ: أغراني الشعور بالإنجاز، وأقعدني عن الطموح في تحقيق المزيد. ظننتُ ذلك من الرضا المحمود، حتى راودتني نفسي بأن عتبة الأربعين التي زرتها قبل أشهر تصلح لأن أبني عليها منتجعًا للاستجمام (لن أخبرك بتفاصيل الأفكار التي رادوتني؛ كيلا أضطر إلى قتلك!). خُيِّل إليّ أنني وصلت، وأنا ما زلت في بداية الطريق. أتذكرون فضفضة "باب النجار مخلَّع"؟ كانت إحدى نتائج تلك المصارحة التي أشعر أنني سأذكرها لاحقًا بوصفها لحظة فارقة في تصوري لما فعلته وأفعله وما ينبغي أن يكون في قابل الأيام. كانت تلك الفضفضة والمنشور السابق يخرجان من مشكاة واحدة. ✨ كم كان الطعام لذيذًا، لكن الصحبة كانت أطيب. كانت الأجواء هادئة، والطموحات تحلق في الأعالي. كان لقاء لا يُنسى؛ لأنه أعاد ضبط بوصلتي: لا تضيع عمرك في الاحتفال بما أنجزته –رشفة عابرة تكفي، ثم انطلق- لأنك اليوم بين يدي ميلاد جديد! 📌 ثم أما بعد، كلمة واحدة قد تغير حياتك؛ إما تحبطك أو تحفزك. فانظر من تصاحِب، وانتقِ من تجالس، وتخيَّر من تعيره أذنيك!

بُعَيْد بداية مسيرتي المهنية -قبل 17 عامًا- بأشهر قليلة، نبت في صدري انطباع مفاده: أنني عبقريّ! 💫 أغراني بهذا الانطباع تعليقات القراء الذين أفرطوا في الثناء على ما أنتجه. ومع كثرة الثناء كنت أقول لنفسي مطمئنًا: غالب الظن أن هؤلاء جميعا ليسوا أغبياء ولا يمكن أن يتواطأوا على وهم. 💭 ومن ثم تسربت إليّ قناعتهم ليس فقط بسلاسة الصياغة وعمق المحتوى، ولكن بما هو أكبر مما يتعلق بشخص علاء! ↩️ لا لن أقفز إلى النقيض وأخبرك بأنني اكتشفت بعد أكثر من عقد ونصف أنني أحمق! لم أكن أحمقًا على الأرجح، لكني أيضًا لم أكن العبقري الذي خُيِّل إليّ. 💥 ما اكتشفته ببساطة أن تعليقات العوام -غير المتخصصين- الألف منها بتعليق واحد من المتخصص المخضرم. وأن ما كان ينبغي الاهتمام به في بداية مسيرتي هو تقييم المخضرمين، وحتى الزملاء الذين ينفقون من رصيد الثناء على أقرانهم بتقتير! ↩️ بعد عشر سنوات تقريبًا، بدأت أكتشف أن ما كنت أتيه به زهوًا لا يساوي في ميزان أهل الصنعة الذين يعرفون حقها ومستحقها جناح بعوضة! وبعد 7 سنوات أخرى بدأت أكتشف أن كل المناصب التي كنت أتفاخر بها في سيرتي الذاتية وأعلقها الآن على حائط لينكدن ليست هي أغلى ما لديّ. وحين أقارنها بما أنجزه الناس حولي أكتشف بأن الركون إلى الذكريات المهنية والاعتقاد بأنها كافية للاستمرار في عالم اليوم سريع الإيقاع = انتحار بطيء! ↩️ حين قررت قبيل رمضان الماضي إعادة النظر في مسيرتي كلها اكتشفت أنني كنت أركز على جانب واحد فقط. ربما أكون حُزت قصب سبقٍ في هذا الجانب، لكن النجاح المستدام يتطلب ما هو أكثر من ذلك. هذا البوح ليس فيه ذرة تواضع، بل هي يقظة متأخرة بأنني ما زلت في بداية الطريق. هي قناعة صادمة -أعترف- لكنها بداية ضرورية للنجاح الحقيقي -أو هكذا أرجو! ↩️ مهلا، العمل بمقتضى هذه القناعة الجديدة ليس سهلا، وفاتورته باهظة. ومهر العروس التي أخطبها هذه المرة غالٍ = الجرأة على هدم ما أنفقت سنوات في بنائه، وإعادة تشكيله من جديد. هذا لا يعني بالضرورة أنه كان نموذجًا فاشلا، بل ربما تكون خطى الزمن أسرع من قدرته على مواكبة المتغيرات.   ➡️ أما قبل، أنا الآن أعيد حرفيًا بناء كل شيء، ليس فقط الهوية البصرية والموقع الإلكتروني، أو حتى باقة الخدمات، ولكن حتى الشراكات التي أثبتت عدم جدواها. لا أعرف إذا كنتُ سأصل إلى بغيتي أم لا، لكن ما أنا موقن منه أنني مستمتع بهذه اليقظة، وفخورُ بعلاء الذي لم يستنكف أن يعترف علانية بما صارح به نفسه عشرات المرات!   ⬅️ ثم أما بعد، دعكَ مني، وانسَ كل ما قلتُه لك أعلاه، وركِّز على ما هو آت: 🎯 إن أعدى أعدائك، وأكبر عائق في طريق نجاحك = نفسك التي بين جنبيك؛ لأنها توهمك بأنك وصلتَ، ولمَّا تبدأ بعد! 💡  "ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور" ومن تأمَّل أدرك!

- "ترى الشمس؟ = نعم. - على مثلها فاشهد، أو دع". ↩️ إذا عملت معي يومًا في وظيفة راصد إعلامي -مثلا- ثم طلبت مني بعدها تزكيتك عند جهةٍ تقدمتَ للعمل معها في وظيفة مدقق لغوي -مثلا- فماذا تتوقع معي أن أفعل؟ هل ترضى أن أشهد لك في تخصصٍ لا أعرف عن إتقانك له شيئًا؟ إذا طلبت تزكيتي في مجالٍ أعرف إتقانك له فلن أتأخر، وإلا فلا! / "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" ↩️ وإذا طلبت مني تقييم ترجمتك، أو حتى مساعدتك في ترجمة نص؛ لن أتأخر ما أسعفني الوقت -ورسائل لينكدن شاهدة على ذلك- لكن حين تأتيني باختبارٍ يفترض أن الجهة التي تقدمت للعمل معها أرسلته لك للوقوف على مستواك، ثم تطلب مني مراجعته لك -بهدف تحسينه- فأنا لا أستطيع المشاركة في خداع هذه الجهة! حين تطلب من أحدٍ مساعدةً احرص على ألا تورطه في شيء يتنافى مع القيم العامة أو مبادئه الخاصة، وحاول أن تتفهم موقفه. / A problem well put is half solved! ↩️ اهتمامك بصياغة السؤال، وتحديد طلبك بوضوح؛ يساعدك في الوصول إلى بُغيتك من أقصر طريق. وأنت في أحايين كثيرة لا تحتاج إلى إجابه مطولة، بل إلى سؤال واضح ودقيق. لذلك أقول دائمًا: إن السؤال أكثر أهمية من الإجابة. والذكي ليس من يستطيع الإجابة على كل سؤال، ولكنه من يستطيع طرح الأسئلة المهمة والدقيقة التي توصله إلى هدفه. وعلى هذا فقِس...

النجاح ليس له شكل محدد ولا طريق معين.   ومن يعتقد غير ذلك يضيع عمره في اللهاث وراء سراب التقليد:   يظن النجاح شهادة،   يظن النجاح منصبا،   يظن النجاح مالا،   يظن النجاح فيما في يد غيره، يظنه فيما يتفاخر به الناس هنا على لينكدن، فيلهث للحاق به..   فإذا جاءه لم يجده شيئا!   يبصر البعض الحقيقة بعد سنوات، لكن بعضهم لا يريد أن يصدق، بل يحكم على الناس وفق هذه المقاييس المتوهمة؛ فيعد كل من لم يسلك مسلكه = فاشلا.   والحق أن أبواب النجاح = عدد أنفاس الخلائق   وعلى هذا فقِس...   فأبواب السعادة = عدد أنفاس الخلائق   وأبواب الرزق = عدد أنفاس الخلائق   وطرق مناصرة الحق = عدد أنفاس الخلائق   مثلما أن الطرق إلى الله = عدد أنفاس الخلائق يقول الإنجليز في هذه المقامات: There's more than one way to skin a cat / cook an egg There Is no one-size-fits-all path to success One man's meat is another man's poison Six of one, half a dozen of the other Different strokes for different folks

للشعراء مع الصباح أحوال:   ☀  فمنهم من شغف قلبه حبًا بالكر والفر؛ فعافت نفسه ما يتشوف إليه غالبية الناس، مثل عنترة، فقال: صَباحُ الطَعنِ في كَرٍّ وَفَرٍّ .. وَلا ساقٍ يَطوفُ بِكَأسِ خَمرِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن قَرعِ المَلاهي .. عَلى كَأسٍ وَإِبريقٍ وَزَهرِ مُدامي ما تَبَقّى مِن خُماري .. بِأَطرافِ القَنا وَالخَيلُ تَجري   ☀ ومنهم من له طريقته الروحانية في استجلاب الأفراح، مثل الصيادي القائل: نعم صباح الخير إذا نبتدي .. فيه بمدح الطهر والآل يكون أمناً من وقوع البلا .. ومنتج الأفراح في البال   ☀ ومثله الأسلت القائل: سبحوا اللَه شرق كل صباح.. طلعت شمسه وكل هلال ☀ ومنهم من هاله التباين بين اختيال الغني وعوز المعدم في صبيحة العيد، مثل الرصافي القائل: صباح به يختال بالوَشْي ذو الغنى .. ويُعوِز ذا الإعدام طِمْرٌ مرقّع صباح به يكسو الغنيّ وليده .. ثياباً لها يبكي اليتيم المضيَّع صباح به تغدو الحلائل بالحلى .. وتَرفَضّ من عين الأرامل أدمع   ☀ فلما طلعت الشمس رأى فيها حُمرة الخجل التي فارقت وجوه كثير من البشر: ولما بدت حمراء أيقنت أنها .. بها خجل مما تراه وتسمع   ☀ ومنهم السجين الذي طال ليله، فلاذ بأحلام الصباح، كرياض الصالح القائل: غدًا في الصباح.. سنتسلَّق الشجرة ونأكل التوت غدًا في الصباح.. سأمسك يدك وأركض في البريَّة غدًا في الصباح.. سأقبِّلك ألف قبلة وأقول لك ألف صباح الخير ولكن من يوكِّد لي أنَّ الصباح سيأتي؟ الليلة مديدة كالعصور المرأة في الشرفة وأنا في السجن.   ☀ ومنهم من أسعفته الحجة فألبس نسيانه حُلَّة الحب مثل نزار إذ قال: إذا مر يومٌ. ولم أتذكر به أن أقول: صباحك سكر... ورحت أخط كطفلٍ صغير كلاماً غريباً على وجه دفتر فلا تضجري من ذهولي وصمتي ولا تحسبي أن شيئاً تغير فحين أنا . لا أقول: أحب.. فمعناه أني أحبك أكثر.   ☀ ومنهم من عكرت امرأته الغضبى صفو صباحه مثل درويش حين قال: أَفي مِثْلِ هَذَا الصَّبَاح القَويَّ تَقُولينَ لِي: سَأَعُودُ إلَى بَيْتِ أْمِّي؟ أَفِي مِثْلِ هَذَا الصَّبَاح تُعِيدينَ قَلْبِي عَلَى طَبَقٍ مِنْ وَرَقْ؟   ☀ لكنه سرعان ما استعاد رباطة جأشه فقال: سَأمْدَحُ هذَا الصَّباحَ الجَديد .. سَأَنْسَى اللَّيَالَي، كُلَّ اللِّيَالي وَأَمشِي إلَى وَرْدَةِ الجَار .. أَخْطفُ مِنْهَا طَريقَتَهَا فِي الفَرَحْ   ☀ ومنهن من أذهلها الفراق عن الدنيا، مثل عفاف عطاالله فقالت: لا أنتَ أنتَ ولا الصّباح صباحُ .. لا البابُ لا الجدرانُ لا المفتاحُ لا هذهِ داري .. ولا هذي أنا .. لا العطرُ لا الأوراقُ لا المِصباحُ لا وقتَ يمضي لا جدائلَ ههنا .. وقفتْ على لِبْلابِها الأفراحُ حتّى الستَائرُ لا تحرّك سَاكناً .. لا شيء يشعرُ أو رُؤى تَرتاحُ كلّ الذِي أدريهِ بعدَ فراقِنا .. أنّي وروحِي والهوَى .. أشباحُ   ☀ ومنهم من هزم صباحه طلائع الظلماء مثل، ابن مليك الحموي.   ☀ ومنهم من صباحاته تستوجب الحد، أو التعزير على أهون تقدير، وعلى رأسهم أبو نواس -فلا تطلب مني الاستشهاد بما قد يعرضني للمساءلة القانونية!   ☀ وصباحات العوام كذلك، ولو لم تسعفهم القوافي؛ مضمخة بعطر الزهور وبهجة ألوانها.     ☀  أما صباحات عرب العصر، فترسم ملامحها عناوين أخبارٍ تنزف دمًا أو تبصق مالا، ولا تطلع شمسها إلا إذا أخذت بيدها ابتسامة عابرة، أو طمأنها بريق أمل يفيد بأن البشر ما يزال فيهم رأس مرفوع أو عرق ينبض!    عسى صباحكم أكثر إشراقًا من الأمس! أو كما يقول الإنجليز: bright-eyed and bushy-tailed