لم تمض إلا أشهر على إقامة الدورة السنوية من مهرجان Beirut & Beyond، لكنّ ذلك لم يمنع القيّمين من تنظيم نسخة مصغّرة غداً الجمعة والسبت، اعتبروها النسخة الصيفية للحدث الموسيقي. هكذا، يستضيف «كيد» في الكرنتينا فنانات من أصول عربية يؤدّين موسيقى الراب. فكرة إقامة مهرجان صيفي للحدث الذي بات يُقام سنوياً في الشتاء، ليست حديثة. منذ عام 2016، أطلق المهرجان فكرة نسخة صيفية، تحمل هدفاً إضافياً للأهداف التي يرمي إليها «بيروت أند بيوند» منذ انعقاد دورته الأولى عام 2013، مع حفلة للفنان المصري موريس لوقا. تبعه في العام التالي عرض «حفل زفاف» جمع بين حامد سنو وليليان شلالا. أما صيف 2018، فكانت المرة الأولى التي يصعد فيها تيدي طويل على المسرح في إطار النشاط الصيفي للمهرجان. بالحديث عن هذه النسخ المصغّرة التي يقيمها المنظّمون، تشرح لنا أماني سمعان، إحدى مؤسّسات هذه التظاهرة الموسيقية: «يستضيف المهرجان في دورته العادية الكثير من الاختصاصيين في المجال وينظّم ورش عمل. في موازاة ذلك، هناك نشاطات أخرى ترمي إلى أهداف جديدة. مع ليليان وحامد، أردنا المساعدة في خلق مشاريع موسيقية جديدة. مع تيدي، رغبنا في دعم موسيقيين جدد للصعود إلى المسرح. أما الحدث الذي ننظّمه الآن، فهو ثمرة تعاون مع برنامج Mind the Gap، الذي أطلقه «متحف الثقافات العالمية» في السويد. منذ مدة، كان هناك مشروع في مصر يدعم النساء اللواتي يعملن في مجال موسيقى «المهرجانات». الهدف هو تقليص الفجوات بين النساء والرجال في المطلق، خصوصاً في الموسيقى. بدأنا العام الماضي واخترنا أن يكون هذا التعاون هو الحدث الصيفي للمهرجان، مع أننا لم ندخل فعلياً فصل الصيف. لكن في أيّ حال، الأمر أصعب في منتصف الصيف، إذ إن الأحداث كثيراً ما تكون خارج بيروت في حين أن تركيزنا هو أكثر على المسرح والأمور التقنية. ونفضّل أن نكون في أماكن في العاصمة». يأخد المنظّمون في الاعتبار الأوضاع الصعبة في البلد، لذا يحرصون على أن تكون أسعار البطاقات مقبولة. نمط الراب بات أكثر انتشاراً الآن في العالم العربي، مع أن تطوره ما زال خجولاً مقارنة ببلدان أخرى. وفي حين تبرز أسماء ذكورية في هذا المجال، قلّما نسمع عن نساء يؤدّين الراب. من أجل تشجيع الأقل خبرة منهن والطامحات إلى دخول هذا المجال، دعا منظمو «بيروت أند بيوند» الموسيقيات من العالم العربي للتقدم بطلبات من أجل المشاركة في أسبوع مخصص لهذا النمط. تقول سمعان: «المشروع عبارة عن أسبوع إقامة فنية وتقنية، تشارك فيه 8 فنانات يسعين إلى خلق موسيقى جديدة ويشاركن في ورش عمل إنتاج موسيقي، إضافة إلى أمور مختلفة. دعونا إلى تقديم الطلبات للمشاركة بعد المهرجان في الشتاء، وكنّا نتوقّع أن يكون هناك أشخاص أكثر يبدون الاهتمام، وأن يكون هناك فنانات بلا خبرة. ولكن فوجئنا بالحصول على الطلبات من موسيقيات مثل نايومي وزينة، إضافة إلى أخريات من صاحبات الخبرة. لم نحصل على أكثر من 20 طلباً. من لبنان لم تقدّم سوى موسيقية كمتطوّعة لا تملك الخبرة، كما شاركت لبنانية أخرى هي سابين سلامة التي تقيم في إسبانيا وقد غادرت لبنان بعد الانفجار، وكما كثيرين تعيش بين هنا وهناك. كان صعباً العثور على وجوه جديدة. ولكننا نأمل أن تكون هذه أول نسخة «راب» في المهرجان وأن نشجّع من يردن الدخول في هذا المجال حين يدركن أن نساء أخريات يفعلن ذلك، سواء كنّ مقيمات في العالم العربي أو كنّ من أصول عربية ويعشن في أوروبا أو أميركا».
يتكلّل مشروع الإقامة إذاً بأمسيتين تُقامان في «كيد» في بيروت، ومن أبرز المشاركات: سابين سلامة وليلى بشارة (من مصر)، ومينرفا (المغرب)، ونايومي (العراق والسويد) وبيري (مصر)، وفريزي (المغرب)، وميدوزا (تونس)، وزينة الشاذلي (مصر)، ونادين الروبي (السودان والولايات المتحدة) بالإضافة إلى بلو فيفر (لبنان). بما أن فكرة هذه الإقامة ترمي إلى تشجيع النساء على خوض تجربة الراب، فهي تتوجه إلى اللواتي لا يملكن الخبرة. لكنّ أكثرية من تقدّمن معروفات في العالم العربي كما تخبرنا سمعان قبل أن تضيف: «هناك معايير اختيار أخرى مثل التنوع. مع أن الراب نمط واحد، هناك اتجاهات عدة فيه قد تكون نحو البوب أو الهيب هوب. وجودة ما تقدّمه الفنانات المشاركات هي أيضاً أحد معايير الاختيار طبعاً».
لا تغيب الجرأة في طرح المواضيع لدى نساء الراب. الأسلوب قد يكون مختلفاً، لكنّ الجرأة هي نفسها. تختم سمعان: «على الأقل كان الاتجاه لعدم المقارنة بين ما يقدّمه الرجال في هذا المجال والمواضيع التي تطرحها الفنانات. هنّ متحررات من هذه الناحية ويتحدّثن عن الأمور التي تعني لهن من دون قواعد أو مقارنة».

* Beirut & Beyond: يوم غدٍ وبعد غدٍ ـــــ «كيد» (الكرنتينا ـ بيروت) ــ للاستعلام: 71/768784