بيان دقائق الآداب الباطنة في الزكاة والصدقات

اعلم أن على مريد طريق الآخرة بزكاته وصدقاته وظائف
الوظيفة الأولى : فهم وجوب الزكاة ، ومعناها ، ووجه الامتحان فيها ، وأنها لم جعلت من مباني الإسلام ، مع أنها تصرف مالي ، وليست من عبادة الأبدان ؟ وفيه ثلاثة معان : 
الأول : أن التلفظ بكلمتي الشهادة التزام للتوحيد ، وشهادة بإفراد المعبود ، وشرط تمام الوفاء به أن لا يبقى للموحد محبوب سوى الواحد الفرد ، فإن المحبة لا تقبل الشركة .
أقسام الناس في بذل الأموال : ولما فهم هذا المعنى في بذل الأموال انقسم الناس إلى ثلاثة أقسام : قسم صدقوا التوحيد ، ووفوا بعهدهم ، ونزلوا عن جميع أموالهم ، فلم يدخروا ديناراً ولا درهماً . القسم الثاني : درجتهم دون درجة هذا ، وهم الممسكون أموالهم المراقبون لمواقيت الحاجات ومواسم الخيرات فيكون قصدهم في الادخار الإنفاق على قدر الحاجة دون التنعم . القسم الثالث الذين يقتصرون على أداء الواجب فلا يزيدون عليه ، وهي أقل الرتب وقد اقتصر جميع العوام عليه لبخلهم بالمال وميلهم إليه وضعف حبهم للآخرة 

المعنى الثاني : التطهير من صفة البخل فإنه من المهلكات .
المعنى الثالث : شكر النعمة فإن لله على عبده نعمة في نفسه وفي ماله فالعبادات البدنية شكر لنعمة البدن والمالية شكر لنعمة المال 
الوظيفة الثانية : في وقت الأداء ومن آداب ذوي الدين التعجيل عن وقت الوجوب إظهارا للرغبة في الامتثال بإيصال السرور إلى قلوب الفقراء ومبادرة لعوائق الزمان أن تعوقه عن الخيرات وللتأخير آفات .
الوظيفة الثالثة : الإسرار فإن ذلك أبعد عن الرياء والسمعة .
الوظيفة الرابعة : أن يظهر حيث يعلم أن في إظهاره ترغيباً للناس في الاقتداء ويحرس سره من داعية الرياء .
الوظيفة الخامسة أن لا يفسد صدقته بالمن والأذى .
الوظيفة السادسة : أن يستصغر العطية . 
الوظيفة السابعة أن ينتقي من ماله أجوده وأحبّه إليه وأجلّه وأطيبه .
الوظيفة الثامنة : أن يطلب لصدقته من تزكو به الصدقة ولا يكتفي بأن يكون من عموم الأصناف الثمانية فإنّ في عمومهم خصوص صفات ، وهي ستة : 
الأولى : أن يطلب الأتقياء المعرضين عن الدينا المتجردين لتجارة الآخرة 
الصفة الثانية : أن يكون من أهل العلم خاصة فإن ذلك إعانة له على العلم والعلم أشرف العبادات مهما صحت فيه النية . 
الصفة الثالثة : أن يكون صادقا في تقواه وعلمه بالتوحيد وتوحيده أنه إذا أخذ العطاء حمد الله وشكره ورأى أن النعمة منه . 
الصفة الرابعة : أن يكون مستترا مخفيا حاجته لا يكثر البث والشكوى أو يكون من أهل المروءة ممن ذهبت نعمته وبقيت عادته فهو يتعيش في جلباب التجمل . 
الصفة الخامسة : أن يكون معيلا أو محبوسا بمرض أو بسبب من الأسباب .
الصفة السادسة : أن يكون من الأقارب وذوي الأرحام فتكون صدقة وصلة رحم وفي صلة الرحم من الثواب ما لا يحصى . من كلام الإمام الغزالي بتصرّف يسير .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين