عملية الخليل.. ضربة لمعقل "الصهيونية الدينية" وإفشال لإخماد المقاومة

عملية الخليل.. ضربة لمعقل "الصهيونية الدينية" وإفشال لإخماد المقاومة

23 اغسطس 2023
وقعت العملية على مرمى حجر من مستوطنة كريات أربع معقل "الصهيونية الدينية" (فرانس برس)
+ الخط -

تشكل "عملية الخليل" ضربة لمعقل "الصهيونية الدينية"، إذ وقعت على "مرمى حجر" من مستوطنة "كريات أربع" التي يقطن بها زعيمها إيتمار بن غفير، عدا عن أنها تشكل ضربة لمخططات الاحتلال الرامية لإخماد المقاومة في مختلف المناطق، خاصة شمال الضفة الغربية.

ويوم الاثنين الماضي، قُتلت مستوطنة إسرائيلية وأصيب آخر بجروح في عملية إطلاق نار على سيارة مستوطنين قرب مستوطنة كريات أربع في الخليل، فيما اعتقل الاحتلال صباح الثلاثاء، الشابين محمد وصقر الشنتير من مدينة الخليل، بتهمة تنفيذ العملية.

وتعد مستوطنة كريات أربع، التي يستوطن بها بن غفير، منطقة أمنية معقدة تحيطها كاميرات مراقبة تسمى "الذئب الأحمر" تعمل على مسح وجوه الفلسطينيين وحفظ بياناتهم، ما يجعل وقوع عملية مع فرار المنفذ أمرًا صعبًا، حيث جرى اعتقال المنفذين بعد أقل من 24 ساعة على العملية.

تصعيد المقاومة جنوب الضفة

ما يخشاه الاحتلال وفق ما قال مصدر قيادي في حركة "حماس" في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يدخل العمل المقاوم المسلح إلى الخليل، وتعوض المقاومة تراجعها في شمال الضفة الغربية، والتي يسعى الاحتلال لإخمادها بشتى الطرق.

ووفق المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن حركة "حماس" لم تتبنَ العملية حتى الآن، ولكن المنفذين ينتمون لها، مؤكدًا في ذات الوقت أن حركته أبلغت الجانب المصري ووسطاء آخرين بأنها مستعدة للرد في الضفة الغربية ومن قطاع غزة ولبنان على تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو التي هدد فيها بتنفيذ اغتيالات، "كونه يحاول تصدير العملية من الإطار الفردي إلى المنظم، لتبرير أي تصعيد".

من جانبه، أوضح مدير مركز القدس للدراسات، عماد أبو عواد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ما يقلق الاحتلال هو خطورة العملية كونها أعقبت عملية حوارة جنوب نابلس التي وقعت السبت الماضي، وقتل فيها مستوطنان، ولم يتمكن الاحتلال من اعتقال المنفذ حتى اللحظة، ما يؤكد وجود حالة من الاستمرارية في المواجهة.

ويضيف: "إذا بدأت الخليل بالعمل المقاوم، فإن هناك مخاوف لدى الاحتلال لمزيد من العمليات القادمة، خصوصًا أن المدينة تعجّ بالتوسع الاستيطاني، الذي لا يقل أهميةً عن الاستيطان في القدس، وبالتالي فإن العمليات المسلحة فيها تشكّل ضربةً للمشروع الاستيطاني، وهذا ما يعتبر فشلًا إستراتيجيًا سياسيًا قبل الجانب الأمني".

وقد جاءت عملية الخليل، وفق أبو عواد، لتكذب نظرية الاحتلال بأن المواجهة غير مرتبطة فقط في المناطق الشمالية من الضفة، ولتؤكد أنها شاملة في كل المناطق، لأن هناك حالة وعي فلسطيني ولدت الكثير من العمليات، خاصة في مناطق ينتشر فيها جنود الاحتلال وكاميرات المراقبة.

ومنذ عملية الشهيد محمد الجعبري قرب مستوطنة "كريات أربع" في التاسع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، والتي قتل فيها مستوطن وأصيب 4 آخرون، تعتبر "عملية الخليل" الأخيرة في المنطقة الجنوبية من المدينة، هي الأولى التي تسفر عن مقتل مستوطن في جنوب الضفة الغربية لهذا العام.

وحسب مركز المعلومات الفلسطيني "معطى" فقد سجّلت الخليل منذ مطلع العام الجاري 1163 عملًا مقاومًا ضد الاحتلال، منها 60 عملية إطلاق نار، قتلت على إثرها مستوطنة، وأصيب 20 آخرون.

ضربة لمعقل "الصهيونية الدينية"

العملية طرحت تساؤلات حول سبب التركيز الإسرائيلي عليها، إذ يوضح الباحث السياسي، عادل شديد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ردّة الفعل من ناحية الاهتمام بالعملية، دلالة على أنها ضربة لمعقل "الصهيونية الدينية" في الضفة الغربية.

ووفق شديد، فإن "عملية الخليل" أوصلت رسالة لوزير مالية الاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، "بأنكم على رأس الحكومة، ولكن العمليات قد تصل منازلكم، كونها تبعد مئات الأمتار فقط عن مستوطنة كريات أربع التي تمثل الاستيطان الديني، وهذا ما يفسر زيارة نتنياهو ومعه وزير جيش ورئيس أركان جيش الاحتلال، حيث أرادوا إيصال رسالة اطمئنان للمستوطنين هناك".

فشل إغراق الخليل اقتصادياً

كما أثبتت "عملية الخليل" بحسب شديد، فشل الرهان على إغراق الخليل في سياسات الاحتلال الاقتصادية، عبر منح المواطنين عشرات الآلاف من التصاريح، والبطاقات الخاصة لرجال الأعمال، حيث اعتقدت إدارة الاحتلال بأنها نجحت في ترويض الخليل وسلخها عن عمقها الوطني، لتأتي العملية وتبدد الوهم الإسرائيلي من خلال الاحتضان الشعبي للعملية.

وما يُفهم من العملية يشير إلى أن ثمة قراراً لدى جهات فلسطينية باستمرار تنفيذ عمليات ضد الاحتلال، وفق شديد، الذي يقول: "يبدو أنه تم الانتهاء من تشكيل خلايا منظمة قادرة على تنفيذ عمليات نوعية، وهذا من شأنه أن يعطي المقاومة دفعة أكبر، لأن نجاح العملية يشير لفشل منظومة الردع الإسرائيلي".

انتقام جماعي

حاولت قوات الاحتلال الانتقام من الخليل، حيث تبع العملية الأخيرة إغلاق مداخل الخليل كافة، بهدف عزلها عن محيطها من المدن والبلدات، عدا عن تشديد الخناق على سكّان البلدة القديمة عبر إغلاق جميع حواجزها في تل الرميدة، وشارع الشهداء، ومحيط المسجد الإبراهيمي، وحارة جابر، بالإضافة لمنع الحركة كليًا في واد الحصين وواد الغروس بحكم قرب المناطق من البؤر الاستيطانية، بحسب حديث منسق تجمع المدافعون عن حقوق الإنسان عماد أبو شمسية لـ"العربي الجديد".

يقول أبو شمسية: "زادت أعداد قوات الاحتلال في مناطق البلدة القديمة من الخليل، والتخوفات لدينا عالية من تنظيم المستوطنين عمليات انتقامية، خصوصًا في المناطق المغلقة بالبلدة القديمة، كما أن الاحتلال ما زال يمارس العقاب الجماعي على المواطنين عبر إغلاق مداخل المدينة لساعات دون مبرر".