«داعش» الإصطدام مع «حماس»على طريق غزّة.. «الأقربون أولى بالقتل»

«داعش» الإصطدام مع «حماس»على طريق غزّة.. «الأقربون أولى بالقتل»

  • ٠٣ نيسان ٢٠٢٤
  • عبدالله ملاعب

المواجهات بين تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في ولاية سيناء و «حركة حماس» ليست جديدة. الأولى تتّهم الأخيرة بأنَّها تجذب مجاهدين، فيما فكرها مرتدّ. ولكن هل من تغيير طرأ بعد «طوفان الأقصى»؟

من المنتصر؟ سؤال يُطرح منذ السابع من أكتوبر إلى الآن. هل إنتصرت حماس بعمليتها المتعدّدة الأوجه، صباح ذلك السبت الذي سيبقى حيًّا في الذاكرة الإسرائيلية بقدر بقاء الهولوكست؟ هل إنتصر الفلسطينيّون الذين إقتحموا إسرائيل وأعادوا ضخّ الدماء في شريان القضية العربية المركزيّة؟ هل إنتصرت إيران، كما ذهب البعض في تحليله؟ أم النصر للسلطة الفلسطينية التي قد تُعيدها الحرب إلى قلب القطاع الذي أُخرجت منه على يد «حماس»؟ أسئلة كثيرة تُحيط الطوفان وما بعد الطوفان. وقياس الإنتصار سيكون على مقياسين: الآن وغداً. ولا مجال لحذف هذا السؤال لأنَّ أرباب «وحدة الساحات» مثلا يعشقون الإنتصار ويتغنون به تاريخياً ولو كان مبنياً على باطل.

إذاً من المنتصر؟ 
يرى باحثون في شؤون الجماعات الإرهابية والحركات الجهادية أنَّ تنظيم الدولة الاسلامية «داعش»، أبرز المنتصرين، أو على الأقل المستفيدين من تبعات طوفان الأقصى. ويشرح الباحث المتخصّص في هذا الشأن أحمد سلطان ذلك ل«بيروت تايم» معتبراً أنّ «داعش» يغتنم فرصة الحرب الدائرة للتوسّع وزيادة تأثيره على المسلمين في كل أنحاء العالم، لاسيّما أنّ الحرب الضروس التي قادتها دولاً وتحالفات على تنظيم «داعش» في السابق، دفعته بحسب سلطان إلى الإنتقال من تطبيق سياسة «السيطرة على الأرض» كما فعل في الموصل والرّقة مثلاً، إلى سياسة «إستنزاف الدول عبر عصابات محليّة تُنفذ هجمات هنا وهناك».

«داعش» لم تختفِ
في هذا السياق، لا بدّ من الإشارة إلى أنَّ «داعش» لم يَسقط علينا من جديد من باب هجوم «كروكوس ستي هول» في 22 آذار 2024، كما يقول البعض ممّن إتّهم أوكرانيا ومن خلفها الولايات المتحدّة بالضلوع خلف الهجوم الدامي الذي لاتزال حصيلة قتلاه ترتفع. 
ف«تنظيم داعش» الذي غيّر إستراتيجيته، حافظ على حضوره. وفي العام 2023 زاد من التجنيد في صفوفه،  لاسيّما في منطقة خراسان. ونفّذ أكثر من 1100 عملية إرهابية: 403 منها نُفّذت غرب أفريقيا، 189 في سوريا، و158 في العراق، بحسب أرقام «معهد الحرب والسّلام».  

إلا أنَّ «داعش» بعد السابع من أكتوبر، إغتنم الفرصة التي خلَّفها طوفان الاقصى. فأصبحت الحرب التي تمعن فيها آلة القتل الإسرائيليّة صيداً ثميناً، يستخدمها لتكثيف أعماله الارهابية وتوسيع رقعة تنفيذه لسياسة إستنزاف كل الأعداء عبر عصابات تبايعه هنا أو هناك. 

وفي مطلع آذار، وقبل أسبوعين من هجوم «كروكوس ستي هول»، أحبط الأمن الفيدرالي الروسي هجوماً إرهابياً خطط له« داعش» بهدف تفجير أكبر كنيس يهودي في موسكو، كما نقلت الصحافة الروسية عن الإستخبارات الروسية. وقد اعترف «فريدون شمس الدين»، أحد المشاركين بهجوم كروكوس، خلال التحقيق معه، أنَّه كان على صلة بدواعش أفغانستان وطاجيكستان، وكان قد إلتقى بهم في تركيا قبل مجيئه إلى موسكو لتنفيذ الهجوم، بحسب، ما نقلته «وكالة سبوتنيك».


وبالتالي تستنهض الحرب اليوم شبكة «داعش». والحرب فرصة أدركتها قيادة التنظيم التي سارعت لإدراج الجهاد «لأجل غزّة» إلى أجندتها. وكانت قد أعلنت عبر وكالتها الرسمية «أعماق» من خلال تطبيق تلغرام، بعد هجوم موسكو، أنَّ «مقاتليها هاجموا التجمّع الكبير للنصارى ملحقين دماراً كبيرا قبل أن ينسحبوا إلى قواعدهم بسلام»، و أنّ الهجوم أتى ثأراً لغزة. 

عقيدة «داعش»: إنّ الأقربين أولى بالقتل
يشرح المتخصّص بشؤون الجماعات الجهادية المتطرّفة أحمد سلطان، ل«بيروت تايم»، العلاقة بين «داعش» و«حركة حماس» والمواجهات التي خاضاها ضدّ بعضهما البعض داخل القطاع وعلى حدوده. ويوضح أنَّ «نصرة الغزاويين على إسرائيل» هو خطاب جديد لداعش ذات العقيدة المبنية على قاعدة: إنَّ الأقرَبين أولى بالقتل. أي القضاء على «حماس» في غزة أولى من القضاء على إسرائيل في قاموس التنظيم الذي على عكس القاعدة التي حاربت الأميركيين، يسعى لمحاربة الأقربين من أنظمة عربية وحركات إسلامية سياسية تعارضه. و«حماس» بنظر «داعش»، هي حركة إسلامية سياسية جهادية مرتدّة (لا كافرة) يلتحق بها مجاهدون عوضاً أن تكون «داعش» وجهتهم. 

وفي السياق تجدّر الإشارة إلى أنَّ «حماس» تعاونت مع الإستخبارات المصرية في حربها على« داعش» في ولاية سيناء وقد قتلت قيادييها، دون أن تنهي التنظيم الذي يبقى أيديولوجيا حيّة لا تموت بعقول من يؤمن بها. 

لم يهاجم تنظيم «داعش حركة حماس» بعد الطوفان، إلا أنَّه لم يُبدّل موقفه منها. فقد دعا أبو عمر المهاجر المتحدّث بإسم التنظيم في كانون الثاني الماضي،  الفصائل الفلسطينية لتصحيح نهجها طالباً أن يكون القتال ضمن مشروع أكثر إنضباطاً في المنحى الجهادي، أي  وفق معايير  داعش الجهادية.

تبقى الخدمة، غير المقصودة، التي قدّمتها حماس إلى داعش تتمثل بأنّ تبعات طوفان الأقصى تصبّ في مصلحة التوحّش الذي يمثله تنظيم داعش. فما نراه اليوم من إجرام إسرائيلي بحقّ المدنيين والأطفال والعُزّل، يجعل من فكرة الذبح والتوحش أمراً مقبولاً يجدّ مبرراته في القساوة الإسرائيلية حيث يقول «تنظيم داعش»: كنتم تعيبون علينا، لأنّنا أحرقنا أو ذبحنا، فانظروا ماذا يفعل الجيش الإسرائيلي.   
قوة داعش تزداد. ويؤكد خبراء الجماعات الإرهابية أنَّنا سنشهد مزيداً من الهجمات للتنظيم في الفترة المقبلة، وكأنّ المنطقة ينقصها المزيد من سفك الدماء .