اليونسكو تصنف الملحون المغربي تراثا عالميا.. ماذا تعرف عن هذا الفن؟
صنفت منظمة اليونسكو فن الملحون المغربي، الأربعاء، ضمن قائمتها الخاصة بالتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، وذلك في اجتماع عقدته اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي في كاسان بجمهورية بوتسوانا.
🔴 خبر عاجل
— اليونسكو (@UNESCOarabic) December 6, 2023
إدراج عنصر جديد في قائمة اليونسكو لـ #التراث_الثقافي_غير_المادي: الملحون، فن شعري وموسيقي شعبي، #المغرب 🇲🇦https://t.co/DOif8Wl8za#التراث_الحي pic.twitter.com/sagWBurYCm
وقالت اليونسكو في بيان إن فن الملحون يعتبر "أحد أشكال التعبير الشعري في المغرب.. يعمل باعتباره فنا جماعيا على تعزيز التماسك الاجتماعي والإبداع، وهو بمثابة سجل تاريخي للقضايا الاجتماعية على مر العصور".
من جانبها، احتفت وزارة الشباب والثقافة والتواصل باعتراف اليونسكو بالملحون المغربي، معتبرة ذلك "اعترافا دوليا بإرث مغربي أصيل، ورافدا مهما من الروافد الفنية الغنية للمغرب، ومكوّنا مرجعيا من مكونات الهوية الثقافية المغربية العريقة".
وقادت منظمات محلية ناشطة في مجال التعريف بفن الملحون وحمايته بالتعاون مع وزارة الثقافة جهودا منذ عام 2018، كفن وثق على مر العصور حياة المغاربة وتقاليدهم.
فن يعود لقرون
كتب محمد الفاسي في القسم الأول من "معلمة الملحون"، الصادرة عن أكاديمية المملكة المغربية، أن فن الملحون من أبرز الفنون التي تفنن فيها المغاربة وأبدعوا فيها عبر العصور.
ودون في مقدمة هذا الكتاب أنه "لم يسبق لشعراء المغرب الذين عبروا عن دخائل أنفسهم أو مشاعر قومهم في شتى العصور أو وصفوا بيئتهم الطبيعية والاجتماعية أو أرّخوا لأحداث بلادهم أو تغنوا بأمجاد ملوكهم وملاحم قومهم البطولية أن بلغوا الشأو الرفيع الذي وصلوا إليه في غير الشعر الملحون ولم يسبق لسواد الشعب المغربي أن طرب لشعرٍ بالعمق الذي طرب به للشعر الملحون".
لذلك يعد هذا الفن الذي اشتق اسمه من التلحين، كما يقول بعض المؤرخين على غرار محمد الفاسي، الذي يرى أن "الأصل في هذا الشعر الملحون أن ينظم ليتغنى به قبل كل شيء".
ويرجع المؤرخون تاريخ ظهور هذا الفن إلى العهد الموحدي في القرن الـ12، وتحديدا في مدينتي سجلماسة وتافيلالت، جنوب شرق المغرب، ثم انتقل منهما لينتشر في مراكش وباقي مدن المغرب.
الملحون في بساط السلاطين
وكغيره من فنون زمانه، بدأ فن الملحون بالتغني بمدح الرسول محمد، ثم تطور مع مرور القرون والسنوات خصوصا خلال فترة حكم الدولة السعدية (1510-1659) التي انفتح فيها الملحون على مختلف المواضيع الاجتماعية إلى جانب إبداعات منظمين في الإيقاعات والأوزان.
الاستاذ الحسين التولالي ، احد اعمدة فن الملحون في المغرب ❤️❤️ pic.twitter.com/ZhsKS6VgYu
— Massin Elfassi ( nostalgie ) (@elfassi_massin) July 19, 2021
ولعل ما أسهم في تطور هذا الفن وفي انتشاره وسط عامة المغاربة، إقبال ملوك المغرب وحاشيتهم على الاهتمام به وعلى التباري في نظم قصائده، على غرار سلاطين الدولة العلوية أمثال سيدي محمد بن عبد الله ومحمد بن عبد الرحمان والحسن الأول والسلطان العلوي الذي وقّع معاهدة الحماية المولى عبد الحفيظ.
ويقول مولاي عبد الحفيظ في إحدى قصائده التي نشرتها مجلة "زمان" المغربية.
بالنبي واصحابو وكْرامها ولفْضَال
غيث هاذ الغرب وطْرد كلْ ضالي
هكذا حال الوقت وما اخفاك مَقوال
وطبايَع الخلق اقضات ابلهوالي
وإلى جانب السلاطين، برزت أسماء مغربية أغنت قصائد الملحون وبرعت في لحنه وغنائه، من أمثال سيدي عبد القادر العلمي وسيدي عمر اليوسفي وبوعلام الجيلالي، والحسين التولالي والمغنية اليهودية المغربية زهرة الفاسية.
في هذا السياق، وفي حالة لا تختلف عن باقي الفنون المغربية الأخرى، برع اليهود المغاربة في نظم وغناء الملحون بنفحة دينية تنهل من طقوسهم ومعتقداتهم الدينية.
في هذا الباب، يقول الباحث المغربي رضوان العماري إن الدارس لهذا الصنف "يصعب عليه فهم الرموز والكلمات لأنه مقتبس من التوراة والتلموذ"، مشيرا إلى أنه غالبا ما يتناول مواضيع التوبة والاستغفار ومجاهدة النفس.
الملحون النسائي
على غرار الرجال، برعت المغربيات في نظم وغناء الملحون وبرزت أسماء كثيرة رافقت تطور هذا الفن عبر مختلف تلك القرون السنوات، وتناولن في مواضيعه قضايا المساواة وحقوق المرأة.
"الملحون نبه مستمعيه إلى فضائل المرأة ونبه إلى أن الحب لا يتصور من طرف واحد وينبه إلى أن الطرف الآخر أي المرأة مؤهل لاستقبال هذه المشاعر وليست موضعا للجنس الوظيفي"، يقول الباحث المغربي عبد الصمد بلكبير في تصريح للقناة المغربية الأولى.
ولم تكتف النساء بالمشاركة في نظم ولحن وغناء الملحون بل تفردن بابتكار أنواع خاصة بهن، منها الذكر والعروبي والرباعي وهي أنواع غالبا ما تتغنى بالحب والغرام.
المصدر: أصوات مغاربية