رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

Alsharq

د. ياسر محجوب الحسين

  [email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

549

د. ياسر محجوب الحسين

السودان.. (مجتمع الميم) ومخطط التفكيك

10 مارس 2024 , 02:00ص

ليس بالضرورة أن يعلن الجيش السوداني تقدمه أو انتصاره على مليشيا الدعم السريع المتمردة عليه، فلربما ذلك يشكك في روايته أو سرديته باعتبار أن أي طرف من الأطراف في أي حرب، يزعم دائما انتصاره أو تفوقه على خصمه. بيد أن هناك وقائع سياسية من لدن أطراف أخرى تدور في مضمار الخصوم للجيش السوداني تدلل وتؤشر إلى تقدمه وتفوقه الميداني؛ فهناك تحركات على مستويات مختلفة إقليمية ودولية لإنقاذ مليشيا الدعم السريع من مصير محتوم وانهيار وشيك، فهناك تحركات دولية على مستوى مجلس الأمن الدولي عبر دعوة لوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان الكريم وكأنما يحل رمضان على السودان وحده ولا يحل على غزة المكلومة، وكذلك هناك حديث متصاعد حول فتح ممرات آمنة لتمرير المساعدات الإنسانية (السم في العسل) عبر تشاد. وهي كلها دعوات حق يراد بها باطل، وبالتوازي مع ذلك هناك تحركات وورش سياسية للمجموعة السياسية السودانية الداعمة للتمرد، بدفع وتسهيل إقليمي متدثرة بمشاركة عدد من عناصر (مجتمع الميم) لمغازلة التنظيمات الدولية الداعمة لـ»حقوق» المثليين.

وصوّت مجلس الأمن الدولي الجمعة الماضي على مشروع قرار يدعو جميع الأطراف إلى وقف فوري للأعمال العدائية قبل شهر رمضان. كما دعا إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن وبدون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط المواجهة. ولا تزال تجربة شريان الحياة راسخة في الذاكرة الوطنية السودانية، حين تبنت الأمم المتحدة المشروع، فكان دعما وانقاذا لحركة انفصال جنوب السودان حينذاك بقيادة جون قرنق. وفي الوقت الذي ما زالت مليشيا الدعم السريع تحتل المستشفيات وبيوت المواطنين بينما أحكمت قوات الجيش السوداني حصارها وبدأت تعاني من نقص الغذاء، رفعت قيادتها الصوت عاليا بطلب وقف إطلاق النار وإدخال المعونات الإنسانية لانقاذ عناصرها ودس الامداد العسكري فيها لتواصل إجرامها ضد المواطنين. وما يؤكد نفاق المجتمع الدولي الذي جعل من مجلس الأمن احدى آلياته، أنه لم يستطع دعوة دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، وكأن هذا الشهر لا يزور الأراضي الفلسطينية!. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة في خطابه السنوي حول حالة الاتحاد: «إن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بحلول بداية شهر رمضان يبدو صعبا». وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد وجه خلال اجتماع لمجلس الأمن نداءً إلى جميع الأطراف في السودان لاحترام قيم رمضان من خلال وقف الأعمال العدائية بمناسبة هذا الشهر. وبالطبع فإن قيم رمضان واحدة في كل مكان، كما زمانه واحد في كل مكان بالضرورة. ويشار إلى أن بريطانيا المستعمر السابق للسودان كانت من سعى لمشروع القرار وتبنى تلك الدعوة. ولعل هذه الدعوة الحقة في ظاهرها جعلت كلا من روسيا والصين تقفان موقفا سلبيا، فتتحفظان وتمتنعان عن التصويت. في ذات الوقت نقل السودان عبر مندوبه في الأمم المتحدة ترحيب بلاده بدعوة الأمين العام، لكنه طرح تساؤلات موضوعية عن كيفية القيام بذلك في حين تواصل مليشيا الدعم السريع هجماتها ضد المدنيين بلا انقطاع، داعيا إلى تقديم آلية للتنفيذ.

في موازاة ذلك نظمت قوى الحرية والتغيير (قحت) السودانية التي غيرت جلدها إلى (تقدم) في الأسبوع الماضي بكمبالا عاصمة أوغندا، ورشة قالت إنها لـ»الاصلاح الأمني والعسكري» بمشاركة عملاء لمخابرات أجنبية، وهي ورشة قديمة جديدة تستهدف تفكيك الجيش السوداني، حيث بدأت ما قبل الحرب في منتصف ابريل الماضي. والجديد أنها عقدت في دولة أجنبية، وليتخيل الناس عقد ورشة في دولة أجنبية بغرض معلن وهو تفكيك جيش دولة أخرى ودون حضور أي ممثلين للجيش!. ولجذب منظمات دعم المثليين واستجداء دعمها ولتوجه ضغوطها نحو حكومات مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، أمّت الورشة عناصر من (مجتمع الميم) بسموتهم وهيئاتهم المعروفة حيث تغيب الفواصل بين الذكر والأنثى. وربما من متسائل بريء يسأل عن من أحق بالتفكيك جيش وطني عمره مائة عام أم مليشيا مجرمة وإرهابية تمردت على الدولة وظلت مسخرة لأهداف أسرية وقبلية؟!. وذات الورشة عقدت قبيل الحرب داخل السودان بذات الأهداف لكنها بدت مستترة وغير سافرة بترتيب ومشاركة فاعلة من (قحت)، ولم يكن الجيش راضيا عن ورقة قدمها ممثل مليشيا الدعم السريع لكونها لم تتناول خطوات دمجها داخل الجيش. وكان الجيش يشدد مرارا على دمج هذه القوات. بيد أن قائد المليشيا محمد حميدتي كان قد دعا إلى تأجيل دمج قواته بدعم ومباركة من (قحت) التي بدت فيما بعد كجناح سياسي للتمرد.

يشار إلى أنه في العام قبل الماضي، وعلى أعتاب شهر «الفخر» كما يُسمِّيه أنصار مجتمع المثليين والمتحوِّلين جنسيا حول العالم، وقفت اللوحات الإعلانية الجذابة في أكثر المناطق حيوية بلندن وأمستردام ونيويورك، موجِّهة رسائلها إلى الجمهور بأن يقوموا بزيارة دولة الاحتلال الإسرائيلي باعتبارها «أفضل مكان في العالم للاحتفال بأسبوع فخر مختلف»، يتضمَّن قضاء إجازة ممتعة على شواطئ المدن الإسرائيلية أو سهرة ليلية في النوادي الخاصة بالمثليين في إسرائيل التي ترحب بجميع الأديان واللغات والهويات الجنسية حسبما تروج له تل أبيب. وتفتخر إسرائيل بأنها أكثر الدول انفتاحا تجاه مجتمع المثليين والمتحولين جنسيا في الشرق الأوسط اليوم. ولطالما لعبت إسرائيل ورقة أنها الدولة الليبرالية الوحيدة في المنطقة العربية التي تُهيمن عليها نظم سلطوية ومحافظة دينيا. وفي هذا السياق، فإنها استخدمت «انفتاحها الجنسي» ورقة جذب أمام الشباب «المقهور جنسيا» في العالم العربي لتكون جزءًا من تلك السياسة الدعائية في المنطقة.

مساحة إعلانية