غسان أبو ستّة رئيسًا فخريًا لجامعة غلاسكو: طلّاب يقترعون لغزّة وفلسطين


2024-03-28    |   

غسان أبو ستّة رئيسًا فخريًا لجامعة غلاسكو: طلّاب يقترعون لغزّة وفلسطين
د. أبو ستّة متوسّطًا طلّاب الجامعة

التاريخ: مساء 26 آذار 2024

المكان: جامعة غلاسكو، اسكتلندا، بريطانيا

الحدث: فوز الدكتور غسان أبو ستة بمنصب الرئيس الفخري لجامعة غلاسكو

عندما وصل بيروت إثر مغادرته غزة بعد 43 يومًا من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية عليها، وبعدما فُقدت المستلزمات الطبية لعلاج المصابين وإجراء العمليات الجراحية، تهافت الناس على د. غسان أبو ستة، الاختصاصي في الجراحة التجميلية والترميم، يسألونه: “هل ستعود للعيش في بيروت؟”، وكان غادرها إلى لندن مع عائلته صيف 2020. كان “مرمم الوجوه المكسورة”، كما وصفته جريدة “لوموند” الفرنسية في أحد مقالاتها، يبتسم لسائليه ويردّ عليهم “اسألوا ديما”. ديما، ابنة غزة، رفيقة حياته وأم أبنائه الثلاثة، التي عاشت وتعيش أيامًا صعبة من القلق والخوف على غزة، وعلى زوجها وعائلتها الصامدة في القطاع.  

مع فوز “الطبيب المداوي والشاهد على جرائم الإبادة في غزة” أمس بانتخابات منصب الرئيس الفخري لجامعة غلاسكو، أكبر جامعات اسكتلندا، وواحدة من كبرى الجامعات البريطانية، تبدّى الجواب على سؤال بيروت، إذ قال في خطابه مساء 26 آذار 2024 (أمس)، من على منبر الجامعة: “إنّ النضال في هذه البلاد وفي أوروبا وفي الولايات المتحدة أساسي. علينا تفكيك الجبل الجليدي الإبادي لكي يبقى رأسه (إسرائيل) غير مدعوم. وإن لم نفعل ذلك، المشروع الاستيطاني سيستمرّ وفي العقود المقبلة سيسأل الناس أنفسهم، كيف سُمح لذلك أن يحصل”. 

وفي الاحتفال بفوزه ب 80% من أصوات المقترعين، وهو كان طالبًا على مقاعد جامعة غلاسكو من 1989 لغاية 1994، تحلّق آلاف الطلاب من حول د. أبو ستة، فيما طوّقت أعناق بعضهم، مثله، الكوفية الفلسطينية، كيف لا وقد “تركّز البرنامج الانتخابي لحملته أساسًا على دعم غزة ورفض حرب الإبادة، وضدّ أن يكون لجامعة غلاسكو أيّة مساهمة في شركات صناعة الأسلحة في بريطانيا، والتي باع بعضها أسلحة لإسرائيل خلال الحرب”، وفق ما يؤكد الرئيس الفخري لجامعة غلاسكو اليوم د. غسان أبو ستة لـ “المفكرة القانونية”. كانت المعركة واضحة “وتوجّه برنامجنا الانتخابي بقوة للوضع الحاصل في فلسطين، وكانت ردّة فعل الطلاب أيضًا نحو وضع فلسطين كجزء أساسي من الحراك السياسي في الجامعة”، يضيف. حراك ترجمه الطلاب كفوز لتيار مقاطعة إسرائيل داخل الجامعات البريطانية.

وفور إعلان فرز الأصوات، واحتفال الآلاف على وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الفوز الكبير، شُنّت حملة مضادّة على د. أبو ستة تصفه بـ “داعم حماس” وتتّهم جامعة غلاسكو أنها “البيت الأول لرئيس فخري إرهابي”، وغيرها من التهم الصادرة عن داعمين لإسرائيل. لكن الحملة العنيفة والشرسة على معركة ترشُّح د. أبو ستة إلى منصب الرئيس الفخري لجامعة غلاسكو “ليست جديدة”، كما أكد بنفسه للمفكرة إذ “قادت جريدة “جويش كرونيكال” (Jewish Chronicle News Paper) والمنظمات الصهيونية حملة شرسة ومستمرة على ترشّحي، وقدموا 4 شكاوى خلال الشهرين الماضيين للجامعة، وفشلوا”. تبدّى هذا الفشل ليس في عدم استجابة الجامعة لهذه الشكاوى فقط، بل في الإقبال غير المسبوق للطلاب على الاقتراع، حيث قفز عدد المقترعين من 1800-1900 طالب في انتخابات 2021 إلى 5219 مقترِعًا من الطلاب في هذه الانتخابات التي شهدت حماسةً لافتة. ونال د. غسان أبو ستة 4172 صوتًا، ما نسبته 80% من الأصوات، فيما حصد المرشحون الثلاثة الآخرون مجتمعين 20% من مجموع الأصوات، وفق ما يبيّنه الموقع الإلكتروني لجامعة غلاسكو نفسها. 

وعليه، اقترع هؤلاء الآلاف للبرنامج الانتخابي الذي حدده أبو ستة بوضوح تام في خطاب نشره قُبيل الانتخابات: “قرّرت الترشّح انطلاقًا من التزامي تجاه الجامعة، ورؤيتي لما تمثله جامعة غلاسكو والقيم التي يؤيدها طلاب الجامعة. أدعوكم للقدوم إلى الجامعة والتصويت ضدّ الإبادة في غزة والتصويت، ضدّ قتل 14 ألف طفل من أصل 35 ألف مدني، والتصويت ضدّ تدمير 70% من المنازل وتدمير 6 جامعات، والتصويت لذكرى خرّيجة الجامعة ديما الحاج التي قتلتها إسرائيل مع عائلتها، وضدّ الأموال الدامية التي تجنيها جامعة غلاسكو كأرباح من هذه الحرب، من خلال حصصها في شركة تصنيع الأسلحة البريطانية “بي إيه إي سيستمز” (BAE Systems)، وضدّ قطاع الوقود الأحفوري، والتصويت لأجل حرم جامعي أكثر أمانًا، وكي تتخّذ الجامعة موقفًا استباقيًا من العنف القائم على النوع الاجتماعي”. 

اليوم، يصدح صوت د. غسان أبو ستة في قلب أوروبا في الوقت الذي سعت فيه دول حلف الناتو ووسائل إعلامها التقليدي إلى كمّ الأصوات الرافضة لحرب الإبادة الإسرائيلية والتطهير العرقي على غزة انسجامًا مع دعم دول الشمال السياسي الاحتلال الإسرائيلي تحت ذريعة الدفاع عن النفس بعد 7 أكتوبر. 

وقد حدّد د. أبو ستة في خطاباته أثناء معركة الترشح وبعد فوزه، هيكلية الجسم الإبادي الذي “تشكّل إسرائيل جزءًا منه”: “إسرائيل هي رأس الجبل الجليديّ لهذا المشروع والباقي موجود في مكان آخر، في محور الإبادة، في دول حلف الناتو التي لم تكتفِ بدعم إسرائيل بل دعمت أيضًا المشروع الإبادي، فما فعله كير ستارمر (رئيس حزب العمال البريطاني) مؤخرًا، ما تفعله الحكومة البريطانية، ما تفعله الحكومة الأميركية، هو أنّهم حموا المشروع الإبادي”. وإضافة إلى هذا المحور، لم يوفّر أبو ستة أحدًا: “هناك الجهات الميسّرة للإبادة، مؤسسات مثل جامعة غلاسكو التي تربّحت من مبيعات الأسلحة، جامعة أدنبرة مثل جامعة كامبردج، وهيئات التحرير، ليس فقط للمؤسسات الإعلامية التقليدية بل أيضًا للدوريات الطبية العلمية التي منعت نشر أبحاث تُظهر الجانب الإبادي لهذه الحرب، والنظام الذي ترسّخ طيلة 75 عامًا، والذي لا يعمل فقط لحماية إسرائيل بل أيضًا لضمان إطالة المشروع الإبادي بحيث اليوم، وبعد مضيّ 6 أشهر، لا يزال يحصد أرواح حوالي 100 فلسطيني يوميًا، إضافة إلى من يموتون من سوء التغذية ومن الأمراض”.

واستعاد دكتور أبو ستة في حديث  مع جريدة ” ذا هيرالد” (THE  HERALD) تاريخ غلاسكو: “إنّ غلاسكو التي أعرفها هي غلاسكو، المدينة الأممية التي كان شعبها دائمًا في مقدمة ليس فقط حركة الفصل العنصري ولكن جميع أعمال التضامن مع الناس في جميع أنحاء العالم. كمدينة، وقفت في وجه مارغريت تاتشر. إذ صوّتت جامعة غلاسكو لصالح ويني مانديلا (زوجة رئيس جنوب إفريقيا الراحل نيسلون مانديلا) في الثمانينيات، في أحلك لحظات الفصل العنصري عندما حظيت بالدعم الكامل من الحكومة البريطانية والحكومة الأميركية”. يومها “اتخذت جامعة غلاسكو موقفًا مبدئيًا، واعتقد أن فلسطين بالنسبة لهذا الجيل الجديد هي النضال ضد الفصل العنصري”. وأكد أنّ “طلاب الجامعة سيقومون، مرة أخرى، بجعل غلاسكو التي يعرفونها وعرفتها، والتي شكلت هويتي، في المقدمة”.

الهوية نفسها التي تمسّك بها مناصرو ترشح د. أبو ستة، حيث وُزعت في الجامعة قصاصات البرنامج الإنتخابي وعلى رأسها “الضغط على الجامعة لإدانة واضحة لحملة الإبادة الإسرائيلية المستمرّة. وقف استثمار جامعة غلاسكو في تجارة الأسلحة.إقامة شراكات جديدة وتعزيز الشراكات القديمة مع الجامعات الفلسطينية”.

وغسان أبو ستة، الملقّب بـ “طبيب الحروب”، لم يترك غزة في كل الحروب التي شنتها عليها إسرائيل منذ 2008 ولغاية حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي المستمرة منذ 6 أشهر ولغاية اليوم. وغادر القطاع بعدما نفدت المستلزمات الطبية، وبالتالي تعطُّله عن إجراء العمليات الجراحية للجرحى. وشكّل أبو ستة وما يزال، الصوت الصادح الناطق باسم غزة، تالياً شهادته على استهداف إسرائيل القطاع الصحي كأحد مقوّمات الحياة، وعلى الإبادة الجماعية في كل المنابر.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، مقالات ، فلسطين ، جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية ، جريمة الإبادة الجماعية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني