Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانقلابات العسكرية في النيجر بين الأسباب والوقائع والتواريخ

وقع أولها في هذه الدولة غرب أفريقيا صبيحة 14 أبريل 1974

شهدت النيجر استقراراً نسبياً ليس لجهة وجود حياة سياسية مستقرة وديمقراطية فحسب (أ ب)

ملخص

قتل جنود منشقون الرئيس إبراهيم باري مناصرة الذي سبق ودبّر انقلاباً عسكرياً ضد سلفه

أعاد الانقلاب العسكري الذي قاده عناصر من الحرس الرئاسي في النيجر، ضد الرئيس المنتخب محمد بازوم، تواريخ الانقلابات العسكرية في دول أفريقيا جنوب الصحراء، ووضع الجيوش ومركزيتها في القارة السمراء، وعلى رغم اتخاذ الاتحاد الأفريقي منذ أكثر من عقد من الزمن قراراً حاسماً، بعدم الاعتراف بأي نظام يأتي للسلطة من خلف انقلاب عسكري، إلا أن الانقلابات العسكرية لا تزال تمثل ظاهرة فعلية في معظم دول القارة.

وأعاد انقلاب نيامي الأخير واحتجاز الرئيس، من قبل عناصر تابعة للقوة الحامية له، ودعم الجيش العملية الانقلابية، طرح إشكاليات السلطة والعسكر والديمقراطية والأمن وغيرها من الثنائيات التي تبدو متنافرة في هذه القارة حيث يثور العسكر في الأغلب تحت حجج حماية الأمن والسيادة الوطنية من الاختراق الأجنبي، في حين يذهب المدنيون بعيداً في علاقاتهم وتحالفاتهم تحت حجج التنمية والاستثمار، ويعد هذا الانقلاب الخامس في تاريخ الجمهورية التي استقلت عن فرنسا عام 1960.

انقلاب في باكورة الاستقلال 1974

وبعد أقل من عقد ونصف العقد من زمن الاستقلال، وقع أول الانقلابات العسكرية في هذه الدولة الواقعة غرب أفريقيا حيث استيقظ مواطنوها، صبيحة 14 أبريل (نيسان) 1974، على خبر إطاحة الجيش بقيادة المقدم سيني كونتشي بالحكومة التي ظلت تتولى السلطة منذ إعلان الاستقلال، برئاسة حماني ديوري ليصبح بذلك الرئيس الـ 25 في القارة السمراء الذي يسقط عبر انقلاب عسكري من جيشه، وشهدت الفترة من 1963 إلى 1974 حوالى 25 انقلاباً ناجحاً، فيما فشلت عشرات المحاولات الانقلابية.

وتذكر المصادر النيجرية أن وقوع هذا الانقلاب في وقت مبكر من تاريخ الاستقلال يعود إلى عوامل عدة، لعل أهمها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عاشتها الدولة الوطنية بعد خروج الاستعمار الفرنسي، إذ يرتكز الاقتصاد حول الكفاف وبعض الصادرات الزراعية تنتجها المناطق الجنوبية، فيما 80 في المئة من الأراضي تعد صحراوية تماماً، والعامل الثاني يتمثل في استمرار الأزمات السياسية التي عرفتها البلاد من قبل الاستقلال، إذ لم يكن نظام حماني ديوري قوياً أو قادراً على بناء نظام وطني ديمقراطي وفق ما تقتضيه تلك المرحلة، أما العامل الثالث، وهو ذو صلة بالثاني، فيتعلق بفساد النخبة الحاكمة وارتباطها بالمستعمر السابق، ما أعطى وجهاً استعمارياً للدولة الوطنية وبالتالي أثار غضب القوات المسلحة ذات الارتباط الكبير بالعامة من الشعب، واستمر الفرنسيون في صياغة جميع جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية في النيجر، وذلك تحقيقاً لنقاط محورية ثابتة، ظلت تتبعها باريس أهمها ضمان استمرار تأثيرها وسيطرتها على الجوانب الاقتصادية والمالية والاستثمارية وحتى السياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف الباحثون عاملاً آخر، وهو ما يسمونه بـ "عامل العدوى" أي تأثر الدول الأفريقية ببعضها بعضاً، نظراً للارتباطات العرقية والقبلية والدينية، إذ إن الإطاحة بنظام حكم مدني في دولة ما، ظل يمثل حافزاً لعسكر دولة أفريقية أخرى لاستنساخ التجربة، وهو ما يعرف بلعبة "الدينمو"، إذ يعد الانقلاب على الرئيس ديوري العمل العسكري الـ 25 في القارة السمراء الذي نجح في إسقاط النظام في الفترة من 1963 إلى 1974 فيما فشلت عشرات المحاولات الانقلابية الأخرى.

الانقلاب على الديمقراطية

وشهدت البلاد استقراراً نسبياً ليس لجهة وجود حياة سياسية مستقرة وديمقراطية فحسب، بل لتمكن العسكر في معظم الأوقات في فرض إرادتهم من خلال تشكيل أنظمة متعاقبة يسيطرون عليها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مع عودة الحياة المدنية ذات الطابع السياسي التعددي الذي يتمتع بإجراءات ديمقراطية نسبية، وهي الفترة التي امتدت حتى عام 1996 عندما قام ضباط الجيش بتنظيم انقلاب للإطاحة بالرئيس محمد عثمان ورئيس الوزراء حماة أمادو في يناير (كانون الثاني)، بذريعة أن "المأزق السياسي يهدد الإصلاحات الاقتصادية"، وقد أصبح قائد أركان الجيش الليفتنانت كولونيل إبراهيم باري ميناسارا رئيساً للبلاد، مدعياً "أن الهدف من الانقلاب هو السماح ببداية جديدة وليس إنهاء الديمقراطية التعددية"، وفي الواقع، كان ذلك أول انقلاب يطيح بأول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ البلاد.

الانقلاب الدامي 1999

يعد الانقلاب الثالث في تاريخ النيجر، وهو الذي يوصف بالانقلاب الدامي ووقع في التاسع من أبريل 1999 حيث قتل جنود منشقون الرئيس إبراهيم باري مناصرة، الذي سبق ودبّر انقلاباً عسكرياً ضد سلفه، وبنجاح العملية الانقلابية التي تمت بمشاركة وحدات عدة داخل الجيش، تمّ تنصيب داودا مالام وانكي رئيساً، في حين ظل مقتل مناصرة لغزاً بخاصة أن المتعارف عليه حينها في الدول الأفريقية التي شهدت انقلابات عسكرية هو عزل الرئيس والتحفظ عليه، وجاء هذا الانقلاب بعد ثلاثة أعوام من الانقلاب، الذي قاده مناصرة بنفسه في يناير 1996، وأطاح بأول رئيس منتخب ديمقراطياً في النيجر، وهو ماهامان عثمان، بعد نحو ثلاثة أعوام أمضاها في السلطة.

استعادة الديمقراطية عبر انقلاب 2010

الانقلاب الرابع جاء مغايراً للشكل والمسمى المعتاد، إذ نشأت خلية سرية تضم عدداً من القادة العسكريين يطلقون على أنفسهم المجلس الأعلى لاستعادة الديمقراطية CSDR، وعملت هذه المجموعة بسرية إلى تاريخ 18 فبراير (شباط) 2010، عندما هاجمت القصر الجمهوري بقيادة الجنرال سالو جيبو، وبعد معركة بالأسلحة النارية، تمكنت المجموعة من اعتقال الرئيس تانجي ممادوا ووزرائه، وتعليق الدستور وحل جميع أجهزة الدولة.

ووعدت الحكومة العسكرية بتحويل النيجر إلى "نموذج للديمقراطية والحكم الرشيد" بعد أن اتهمت تانجا بالتلاعب بالشعب، وكانت التوترات السياسية تتصاعد في النيجر منذ أن حل تانجا البرلمان، عام 2009، ومدد عهدته الرئاسية بعد تعديله للدستور بما يسمح له الترشح لأكثر من مرتين.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير